يثبت التاريخ دائما انه اينما درست الحكمة المصرية والجحوتية “التحوتية” واحترمت ازدهرت الحضارة ..
وفى اوقات الضيق هرب الجحوتيون الى ارض العرب بعلومهم وادبياتهم للحفاظ عليها ونشرها كرسائل انسانية وقد تكون كانت بعثات علمية خاصة لها هدف وضع قواعد الانسانية فى العديد من البلدان ..
مما ادى بعد فترة الى ظهور الامبراطورية الاسلامية التى رغم صراعها الا انها اثبتت قوتها على الانتشار فكريا فى مساحات شاسعة من العالم كناتج تعليمى مما حملة الجحوتيون من حكم لهم وكل ذلك كان خلال قرنين من الزمن فقط ..
وفى بداية القرن التاسع انشأت فى بغداد اول جامعة باسم دار الحكمة وقد ترجمت فيها الكثيير من الاعمال المصرية وتطورت العلوم التى ازدهرت فى مكتبة الاسكندرية تطورا صحيحا ودرست الحكمة الروحية ومورست ايضا ..
وقد احتلت الحكمة الجحوتية مكانتها المبجلة و مميزة بين النصوص الحكمة الروحية المصرية القديمة ..
وصارت معرفة سرية لتيار هام فى الفلسفة الاسلامية وصارت كتابا مقدسا للتوجهات الدينية غير الاصولية كلصابئة من قبل ظهور الاسلام ..
ولم يكن يقدر لنا ان نعرف شئ عن فرقة الصابئة الغامضة لو لا دخولهم فى صراع من السلطة الدينية فى هذا الوقت .
وقد اعترى الاسلام بعد عدة قرون من وفاه الرسول نفس الخضوع للتوجهات الاصولية كما حدث مع اليهودية من قبل وكما اصابت المسيحية فى الغرب المسيحى واستوجب ذلك اقتلاع الزنادقة بالعنف اذا لزم الامر ..
فى عام 830م كان احد الخلفاء يمر فى مدينة حران ولفت نظره ملابس الصابئة الغريبة البيضاء الفضفاضة التى تشبه الى حد كبير ملابس المصريين القدماء ..وحاور قادتهم وطلب منهم كتبهم فسلمو له التعاليم المصرية الجحوتية ..
وقد كتب الفيلسوف العالم العبقرى الصابئ ثابت بن قرة دفاعا عن الصبوة الجحوتية عام 810 م :”نحن ورثة الصبوة ومعلموها سعيد من يتحمل الاضطهاد بيقين ثابت فمن غير نبلائهم وملوكهم حمل الحضارة للعالم ؟؟ ومن غيرهم بنى الموانئ وحكم الانهار ؟؟ ومن غيرهم علم الحكمة الخفية ؟؟ ومن غير مشاهير حكمائهم اظهر الاله له ذاتة فى العرافة بالمستقبل ؟؟ لقد نشر الصابئة فى كل هذا العالم واكتشفو فن شفاء الجسد كما انهم عرفو فن شفاء الروح وملاؤا الارض بحكومات مستقرة وحكمة هى اعلى اشكال الخير ان العالم بدون الصبوة سيكون موحشا بائسا“
من يقصده هنا ثابت بن قرة هم الكهنة الجحوتين ملوك ونبلاء الصبوة الامة التى قامو ببنائها وتعليمها..
تواجد الصابئة منذ قرون طويلة في جنوب مابين النهرين واللغة التي ينطق بها الصابئة المندائيون هي اللغة الآرامية بلهجتها الشرقية ويتكلم الصابئة المندائيون اللغة المندائية وهي إحدى اللغات السامية المشهورة في الزمن القديم وهي اقرب إلى السريانية ويعتقد المندائيون إن لغتهم هي التي يتكلم بها ادم..
ويعتبر دين الصابئة واحد من أقدم الأديان، حيث يؤمنون بان كتابهم المقدس ((الكنزاربا)) يتضمن “الصحف الاولى” التي نزلت على آدم ويسمى ايضا ((سيدرا ادم)) .
ويتجه الصابئة المندائيون في صلاتهم وفي ممارسة شعائرهم الدينية نحو جهة الشمال وذلك لإيمانهم بان “عالم الأنوار” في هذا المكان المقدس من الاكوان وهو من دعائم الفكر المصرى القديم ..
فقد تواجدو منذ القدم في جنوب ما بين النهرين , واللغة التي ينطقون بها هي اللغة المندائية الآرامية بلهجتها الشرقية .
والمح الكثير من المؤرخين المسلمين إن معتقدات الصابئة المندائية برزت في بابل أولا.وقد تمخض البحث في منشأ المندائيين عن نظريتين الأولى : إنهم من سكان ما بين النهرين القدماء وإنهم ورثوا الكثير من الميثولوجيا البابلية ولكنهم تأثروا واثرو فى اليهودية بعد ظهورها بحكم تجاورهم مع اليهود التي كانت تسكن ما بين النهرين, وقد تأثروا واثرو ايضا فى المسيحية من خلال الاحتكاك بالنساطرة المسيحيين .
أما النظرية الثانية فيرى البعض إن منشأهم كان في الغرب في منطقة البحر الميت(فلسطين) أو في شرق الأردن او من وادى النيل حيث كانوا يمارسون شعيرة التعميد هناك .
و لقد أشار العديد من المؤرخين إلى إن معتقدات الصابئة المندائية برزت لأول مرة في جنوب ما بين النهرين . فقد ذهب هنري لايرد عالم الآثار البريطاني الذي أسهم في الكشف عن الآثار الأشورية إلى أن الدين الآشوري في أيامه المبكرة الأولى وقبل أن تمسه التأثيرات الفارسية وغيرها ( هو امتداد للدين البابلي ) كان صابئي .
ولكننى ارى إن الصابئة المندائية تمتد إلى ما قبل ذلك وبالتحديد إلى العهد السومري، ولدعم هذه النظرية ساقوم بمقارنة بين الدين الصابئي والسومري وعلاقتهم بالفكر الجحوتى القديم وامتداد الفكرة فيما بعد للاديان الابراهيمية وفى نهاية المقال ملحق تشابة بين الصابئة والابراهيميات ..
فيعتقد الصابئة المندائيون إن الإنسان عندما يموت تنقل نفسه إلى العالم الآخر. هناك تحاسب النفس وتوزن أعمالها فإذا كانت الحسنات كثيرة تصعد إلى عالم الأنوار أما إذا كانت السيئات أكثر فانها تذهب إلى (المطراثي) وهي رحلة تمر بها النفس بسبع محطات (عوالم الحساب) ” من كتاب القادم بامر حر المصرى او المعروف باسم كتاب الموتى“
الحالة نفسها نجدها عند السومريين فهم يرون إن الإنسان عندما يموت تذهب روحه إلى العالم الآخر وتجتاز هذه الروح البوابات السبعة ثم تذهب إلى مستقرها في العالم الأسفل نظرا لفكرتهم المبنية على الجانب المادى السفلى كما ذكرت فى المقال السابق اللينك مرفق فى نهاية المقال..
ويلتقي الصابئة المندائيون بالبابليين بلباس التعميد الأبيض (الرستة) لدى الصائبة باللباس الأبيض الذي كان يرتدونه الكهنة في بابل وفى مصر وهناك من يحاول ارجاع اصل الصابئة الى الفكر البابلى وقد يختلط الامر فى التشابة الذى يحتل الكثير من الاشياء بين الافكار الحضارية جمعا ولكن هناك اختلاف جوهرى ينفى هذه الفرضية وهى ان البابلية فكر حضارى سفلى بينما الصابئة فكر دينى نورانى سماوى كالفكرة المصرية القديمة ..
هل حقا الصابئة عبدة نجوم وكواكب ؟؟
يقول عبد العزيز الثعالبي في الصابئة هي ديانة(عاذيموس) الأول كان في القديم من أعظم الأديان انتشارا في العالم وكان منشأها في العراق وكعبها حران, وهي في الأصل دين الكواكب السبعة “والسبع صلوات يومية التى جاء يحى ليخفها الى ثلاث صلوات فقط فيما بعد ” والبروج ألاثني عشر. اثبت التاريخ أن العرب كانوا يدينون بديانة قريبة الى لصابئة او بشكلها المحرف منذ القرون الأولى وقد اتخذوا الهياكل او المعابد وسموها البيوت تيمنا بالفكر المصرى “بر” وجعلوها معابد يقدسونها ويدينون بها. ويدل على ذلك إنهم كانوا يسمون أنفسهم عبيدا لها او خدام داخلها كقولهم عبد شمس, وعبد المشتري وغيرها وفي الحقيقة إن الصابئة المندائيين يرفضون عبادة الكواكب. فعندما نشر احد المؤلفين (عبد الرزاق الحسني) كتابا حول الصابئة المندائيين اعتبرهم عبدة كواكب فأثار حفيظة رجال دينهم. فقدم الشيخ دخيل الى بغداد يحمل معه كتابهم المقدس الكنز العظيم(كنزاربا) يتلو منه امام المحكمة بوجود مترجم يترجم أمام الشهود من السفر المقدس نصا يرفض عبادة الكواكب ويظهر انهم يعبدون الله.
تقول الليدي دراور( في الحقيقة إن الصابئيين لا يعبدون الأجرام السماوية غير إنهم يعتقدون بان النجوم والكواكب تحتوي على مخلوقات حية هي أرواح ثانوية تابعة لأمر ملك النور(ملكا دنهورا) وإنها تتحكم بمصائر البشر , ويصاحب هذه الأرواح الخيرة أضدادها من الأرواح الشريرة ففي فلك الشمس (شامش) ينتصب شامش الخير النافع رمز الخصب والخضرة ومعه الروح الشريرة المهلك(ادوناي)مع أرواح نورانية حارسة أخرى اقتداءا بمنظومة النترو المصرية وفكر الازدواجية الذى تحملة المنظومة بين تفاصيل طياتها. وهنا دليل اخر على اسبقية الصابئة لليهود الذى اتخذو ادوناى وست المصرى رموز المادية لتحويلها الى قالب الشيطان الرجيم الذى توارثته الاديان ..
فالصابئيون يوجهون دعاءهم للأرواح الخيرة النورانية فقط وليس لتلك التي تخص عالم الظلام.
وفى الافكار التى حسبت ايضا على التيار الاسلامى غير الصبوة طيار عرفانى يعرف بالصوفية وينتسب فى اصلة ايضا الى الحكمة المصرية ومنهم الكثير من الشعراء والعرافيين وقد اخذ الفيلسوف الايرانى يحي السهروردى على عاتقة فى القرن 12 الميلادى ان يربط بين ما اسماه الدين الشرقى الاصلى والاسلام وقد قال ان حكماء العالم القديم دعو الى مذهب وحيد وهو الذى جاء على يد جحوتى المصرى وقد حرفة السهروردى وربطة بالنبى ادريس الذى ذكر فى القرأن فى محاولة منه لتنتير الانبياء ووضع الفكر الاسلامى فى قالبة الاصلى من جديد وعرفه اليهود باسم اخنوخ ..
و يبدون ان ثمة علاقة بين الصابئة والاسينيون، وهم الطائفة الروحانية او كما نعرفهم (الصوفيون) كانت موجود في فلسطين قبل الميلاد، ويحسبها بعض المؤرخين على الفكر الاسلامى حاليا واخرون على الفكر اليهودى ..
الاسينيون يؤمنون بالفضيلة المطلقة, ويستقبحون الشهوات فهم لا يتزوجون ويتبنون أطفال غيرهم وملكية الجميع مشتركة عندهم ولايتبايعون وإنما يتقارضون قدر حاجتهم ويلبسون الألبسة البيضاء ايضا. يلتقي الاسينيون والصابئة في طقوس التعميد حيث يتعين أن يرتدي الملابس البيضاء ويفعل المصبوة الشي ذاته عند التعميد. إذ يرتدي ملابس بيضاء تعرف بـ(الرستة).
كما تلتقي الطائفتان في نظرتهما الثانوية تجاه الظلام والنور والخير والشر وهي ثنائية شاعت بتأثير التعاليم الجحوتية ورحلة انتقالها الى العالم ..
وقال ان هذه المعرفة انتقلت عبر اليونانيين على يد فيثاغورث وافلاطون حيث النشأه الاولى لهما ولوعيهما فى حرم معبد جحوتى المصرى القديم ..كما انتقلت فى الشرق الاوسط عبر الذرادشتيين المجوس وقد ورثت هذه التعاليم عبر سلسلة من الحكماء المستنيرين حتى وصلت اليه شخصيا على يد استاذه الصوفى الحلاج ..وليس من العجيب فى شئ ان يحكم عليهما بتهمة الزندقة وكان الصلب من نصيب الحلاج لجملته الشهيرة “انا ارتدى العبائة وما يرتدى العبائة الا الله ..
وبعد كل هذا لا يجب ان نستعجب من طغيان غريزة البقاء على المملكة الفارسية التى حاربت لابقاء فكرتها حية فى مواجه الفكرة المصرية القديمة بزرع الطائفة اليهودية ردا على ظهور الصبوة والصوفيين اللذان شكلا خطرا كبيرا بتوسعها على الفكر الفارسى ودس السم فى العسل وخلق فرقة الشيعة التى نجحو فى الوصول لمصر بها تحت اسم الاسلام ..
اركان الديانة الصابئة الخمسة :
التوحيد :
( سهدوثا اد هيي ) وهي الاعتراف بالحي العظيم ( هيي ربي ) خالق الكون حيث
جاء في كتاب المندائيين المقدس كنزا ربّـا { لا أب لك ولا مولود كائن قبلك
ولا أخ يقاسمك الملكوت ولا توأم يشاركك الملكوت ولا تمتزج ولا تتجزأ
ولا انفصام في موطنك جميل و قوي العالم الذي تسكنه } .
التعميد :
التعميد أو الصباغة ( مصبتا ) يعتبر من أهم أركان الديان المندائية وهو فرض واجب
ليكون الإنسان مندائيا ويهدف للخلاص والتوبة وغسل الذنوب والخطايا والتقرب من الله .
ويجب أن يتم في المياه الجارية والحية لأنه يرمز للحياة والنور الرباني .
وللإنسان حرية تكرار التعميد متى يشاء حيث يمارس في أيام الآحاد والمناسبات الدينية
وعند الولادة والزواج أو عند تكريس رجل دين جديد.
وقد حافظ طقس التعميد على أصوله القديمة حيث يعتقد بأنه هو نفسه الذي
ناله عيسى بن مريم ( المسيح ) عند تعميده من قبل يحيى بن زكريا ( يوحنا المعمدان ) .
الصلاة ( براخا ) :
الصلاة فرض مكتوب على الصابئيين
ويتوجه المصلى نحو الشمال ، بلباسه الطاهر حافي القدمين .
يتوضأ الصابئي قبل الصلاة . ومما يفسد الوضوء : البول والغائط ، وخروج الريح ، ولمس الحائض، والنفساء، الصلاة فرض واجب على كل فرد مؤمن يؤدى ثلاث مرات يوميا ( صباحا وظهرا وعصرا )
وغايته التقرب من الله . حيث ورد في كتابهم المقدس { وأمرناكم أن اسمعوا صوت الرب
في قيامكم وقعودكم وذهابكم ومجيئكم وفي ضجعتكم وراحتكم وفي جميع الأعمال التي تعملون }
ويسبق الصلاة نوع من طقوس الاغتسال يدعى ( الرشما ) وهو مشابه للوضوء
عند المسلمين حيث يتم غسل أعضاء الجسم الرئيسية في الماء الجاري ويرافق ذلك
ترتيل بعض المقاطع الدينية الصغيرة .
فمثلا عند غسل الفم يتم ترتيل
( ليمتلئ فمي بالصلوات والتسبيحات ) أو عند غسل الأذنين ( أذناي تصغيان لأقوال الحي ) .
الصيام و له نوعان :
الصيام الكبير ( صوما ربّ ) وهو الامتناع عن كل الفواحش والمحرمات وكل ما يسيء إلى علاقة الإنسان بربه ويدوم طوال حياة الإنسان . حيث جاء في كتابهم { صوموا الصوم العظيم
ولا تقطعوه إلى أن تغادر أجسادكم ، صوما صوما كثيرا لا عن مآكل ومشرب هذه الدنيا ..
صوموا صوم العقل والقلب والضمير} .
والصيام الصغير هو الامتناع عن تناول لحوم الحيوانات وذبحها خلال أيام محددة من
السنة تصل إلى 36 يوما لاعتقادهم بأن أبواب الشر مفتوحة تكون عندها مفتوحة على
مصراعيها فتقوى فيها الشياطين وقوى الشر لذلك يسمونها بالأيام المبطلة .
الصدقة ( زدقا ) :
ويشترط فيها السر وعدم الإعلان عنها لأن في ذلك إفساد لثوابها وهي
من أخلاق المؤمن وواجباته اتجاه أخيه الإنسان . حيث جاء في كتابهم
{ أعطوا الصدقات للفقراء وأشبعوا الجائعين وآسقوا الظمآن وآكسوا العراة لأنّ
من يعطي يستلم ومن يقرض يرجع له القرض } كما جاء أيضا
{ إن وهبت صدقة أيها المؤمنون ، فلا تجاهروا إن وهبتم بيمينكم فلا تخبروا شمالكم ،
وإن وهبتم بشمالكم فلا تخبروا يمينكم كل من وهبة صدقة وتحدث عنها كافر لا ثواب له..
***يجب ربط المقال بالمقالات المرفقة لانها جميعا افكار تراكمية :
No comments:
Post a Comment