ست هو النتر المصري للظلام والصحراء والعواصف والحرب وعرف عنه خطأ انه يمثل الشر.. بل على العكس ست يعتبر من اهم النترو المصرية ويحمل فلسفة مصرية عميقة في فهم الكون والطبيعة البشرية وجاء وقت لنرفع الظلم عن ست النتر القوي الذي اعتقد المصريون انه يساعدهم في اجتياز الصحراء والعواصف و الظلمات و ايضا يساعدهم ويعلمهم فنون الحرب والقتال كما صور يعلم تحتمس الثالث الرماية وسمي ملوك انفسهم تيمنا باسم ست مثل الملك سيتي الاول..
يتضح من امكانيات ست ومجال تأثيره انه يرمز لغريزة البقاء في الكون والانسان واي شيء تقريبا وعلى نقيضه أوزير يرمز لغريزة العودة لاصل الكون وهو العالم الآخر حيث تعود الروح لمصدرها مرة آخرى.. تلك هما القوتان المتعادلتان التان يتصارعان حول روح الانسان والكون كله.. فالانسان يحركه على الارض غريزة البقاء والتمسك بالحياة فهي من تجعله يحارب اعدائه وينتصر عليهم هي من تجعل الانسان يخترق الصحراء الشاسعة بعواصفها و ظلمتها ويخرح منها متسلحا بغريزة البقاء.. ست هو تعبير عن قوة هذه الغريزة التي جعلت المصري يتقن فنون الحرب من اجل الحفاظ على بقائه وعلى بيته واسرته وارضه لذا تزوج ست من نب حت ربة المنزل حيث ان مسئولية المصري اتجاه اسرته تحفز غريزته للبقاء ولان التوالد يضمن البقاء فكان ست يريد الزواج من است او ايزيس و لكنه فشل وجاءت رغبة ست فانه يرغب في ان يتزوج بمصدر التوالد والانجاب و لكن أوزير غريزة العودة للمصدر هو من تزوج است رمز العرش المصري وايضا رمزا للارض الخصبة التي يحرثها الفلاح أوزير لتنجب ثمرة الحياة..
ولعلنا نجد في اسماء ست واست تقاربا فاسم است يزيد عن ست في حرف الالف وحرف الالف في اللغة المصرية القديمة هو حرف للنداء وهنا يتضح ان است حامية العرش هي نداء لغريزة البقاء فعرش مصر يحتاج الى غريزة البقاء البشرية لتدافع عنه وعن الارض والشعب.. لذا نجد ان ست غريزة البقاء هو من يحارب أبيب او عبب الثعبان الذي يهدد مركب رع خلال رحلتها في العالم الآخر و هذا منطقي ان يحارب ست غريزة البقاء المخاطر المحتملة التي تواجه الانسان او وطنه او الكون كله وكان ست احيانا يرسم برأس حورس وهو يحارب عبب اشارة الى هذه المهمة المقدسة.. ومن خلال الاسطورة نجد ان اوزير استسلم لست و نام في التابوت الذي صنعه له ست وهذه ليست سذاجة من اوزير بقدر ما هي تعبير عن رغبة أوزير في عودة روحه لخالقها فهو لا يرغب في الابتعاد اكثر من ذلك عن اصوله في العالم الآخر لذا نجد ان أوزير هو من يحاسب الموتى عن طريق قواعد ماعت حيث ان الروح لتعود لخالقا ترفض اي تمسك بالماديات و في المقابل ست يطوع كل ما هو مادي ليبقي الانسان اطول فترة ممكنة و من هذا الصراع يبزغ حورس الذي يعدل بين الغريزتين فيمكن الانسان من الحياة كأنه يعيش ابدا وايضا متمسكا بقواعد ماعت لانه قد تباغته المنية في اي وقت..
وهكذا يظهر ان ست ليس شريرا على الاطلاق انما هو الادرى بكيفية الحياة على هذه الارض و اخيه أوزير هو سيد العالم الآخر الذي علم الشعب المصري الكتابة والفلك والزراعة لان المصري من شدة رغبته في تحرر روحه من المادة درس الكون بكل تفاصيله و تعلم الزراعة و العلوم والفنون ليجمع المصري بداخله اعظم قوتين في الكون قوة البقاء و قوة الفناء.. وعلى مستوى الكون فهذا ما يحدث في المجرات حيث تدور حول ثقب اسود وهو فناء المجرة بينما تدور النجوم و معها الكواكب رغبة منها في الابتعاد عن الثقب الاسود الذي يتوعد بالتهامهم فالكون نفسه يحما بداخله مقومات بقائه وفنائه ويتصارعان طوال الوقت كما هو حال المادة فهي تحاول مقاومة التحلل ولكنها تتحلل في النهاية لتعود كما كانت في الاصل مجموعة من العناصر فقط. وهذا الفهم لست هو ما جعل المصريون يعتبرونه الاقوى ويرمز له بعصى الواس التي يحملها جميع النترو المصرية لان المصري كان يبتغي من تعامله مع النترو هو الاستزادة من العلم حتى يتمكن من البقاء والخلود لذا تعتبر عصا الواس هي مدخل كل النترو للحياة…
ومن خلال التقديس لغريزة البقاء عند المصري التبس الامر على الغزاة و عبدوا ست لانهم كانوا يبتغون البقاء كما فعل الهكسوس و الاغريق والرومان لان النظرة الغربية للفناء انه هو الشر المطلق فكانوا يرغبون في الهروب من الفناء عن طريق ست المصري ولكنه في نفس الوقت كانوا يعلمون ان الموت امر حتمي فتحول ست في المنظور الاغريقي والروماني للشيطان الذي يتحدى الآلهة ويبقي الانسان حيا رغما عنهم وتطور الامر الى ان الشيطان هو المسئول عن الرفاهية والمال و غيره من مسببات الحياة… وبالنظر الى مرادف كلمة يجلس في اللغات اللاتينية نجدها مأخوذة من اسم ست فالانجليزية sit و اللاتينية sit ايضا و الالمانية sittzen و واضح ان الجلوس هنا مرتبط بالجلوس على العرش او المكوث فترة طويلة ومن اسم ست جاء لفظ Satin الشيطان و معنى الاسم اللاتيني Satin تعني حرفيا الجالس او الماكث كثيرا. ست النتر المصري العظيم المفترى عليه من الغرب حان وقت رفع الظلم عنه وابراز اهميته القصوى في التاريخ المصري وربما تاريخ العالم. من منظور احر يعتبر كوكب زحل هو آخر الكواكب السبعة السيارة قديما فهو يبعد عن الشمس حوالي مليار ومائتي كيلومتر ويصله ضوء وحرارة الشمس بصعوبة شديدة حيث تبلغ درجة حرارته 139 تحت الصفر ويتكون بنسبة 96% من غاز الهيدروجين المتجمد.. ويدور حوله مجموعة كبيرة من الأقمار يبلغ عددها اكثر من 60 قمرا فضلا عن الدوائر الغازية التي تدور حوله وتعطيه شكله المميز..
ولصفاته هذه كان يعتبر في الحضارات القديمة رمزا للظلامية والمناقض للشمس.. فهو الوجه الآخر حيث الظلام والبرودة وبعد المسافة حتى ان اسم زحل بالعربية يعني البعيد المظلم.. اذا فكوكب زحل هو نقيض الشمس كرمز فهو يشبه الشمس بدائرة الغازات حوله مثل الشمس وحولها الكواكب ولكن الشمس متوهجة ومنيرة وباعثة للوعي اما زحل فهو مظلم وكئيب ومثير للغرائز والجنوح للمادية الزائدة… ولعلنا ندرك الآن كيف تم ترميز تركيب زحل من الهيدروجين مثل الشمس حيث ان الشيطان في الاديان الابراهيمية رفض السجود لآدم لانه من طين اما الشيطان من نار و مكون النار الأساسي وهو الهيدروجين.. سمي كوكب زحل باسم كروناس Cronus عند الاغريق وتحول لساترن Saturn عند الرومان.. ويرجع بعض المؤرخين تسمية ساترن نسبة للنتر ست من الحضارة المصرية حيث يعني دورة ست.. فخصائص النتر ست متواكبة مع ترميز كوكب زحل حيث ان النتر ست عند المصريين يرمز لحالة المادية الخالصة والجنوح الى الافراط في العنف والخبث والغرائز ولكن ست لم يكن الشر المطلق حيث انه كان يرسم وهو مشارك في تعميد الملوك كما رسم وهو يعلم تحتمس الثالث اصول الرماية بالسهم والقوس كما ذكرت بالاعلي..
اذا نستنتج ان ست هو احد الطباع المادية التي قد يحتاجها الملك في مصر ليدافع عن ارضه ضد الاعداء لان المصريين كانوا يعتبرون الحرب فعل مادي بحت لا علاقة له بروحانية أوزير الخالصة من اي فعل عنيف او غرائزي.. اذا فالنتر ست مثل كوكب زحل قد يكون محفزا للمادية ولكنه لا يخرج عن الاطار كونه احد الكواكب التي تدور حول الشمس وكذلك ست فهو قوة مادية خالصة ولكنها لا تخرج عن اطار النسق الكوني بل بالعكس صور ست وهو يساعد في الحفاظ على النسق الكوني ضد الثعبان ابيب..
تطورت فكرة النتر ست عند الاغريق والرومان وحضارات أخرى ليعبر عن حالة الشر التي تتملك البشر في افعالهم وتصرفاتهم وربطوا هذه التصرفات بكوكب زحل محفز المادية والظلامية ومن هنا جائت صورة الشيطان التي هي شكل انسان بقرني جدي او انسان برأس جدي Satin وهذا الشكل هو دمج لمنزلي كوكب زحل بين الأبراج حيث ان له من الأبراج الجدي ورمزه الجدي والدلو ورمزه الانسان.. وهذه الابراج تعتبر قلب الشتاء القارص بالنسبة لنصف الكرة الشمالي حيث تكون الارض بعيدة عن الشمس مصدر الوعي ففي الايطالية كلمة جحيم تعني inferno والتي هي في اللاتينية inverno بمعنى الشتاء.. حتى ان بعض حضارات الشرق اتخذت نفس الترميز ورسم الشيطان في كتاب أحمد الأصفهاني بنفس الصفات برأس جدي وجسد انسان.. تطورت هذه الفكرة في بعض الجماعات السرية العاملة في مجال الميتافيزيقا والسحر الى بافومت Baphomet ولكنه في ثقافتهم لا يرمز للشر المطلق بقدر ما يرمز الى الحكمة في استخدام الشر وتبرير استخدام الافعال العنيفة مع الغير لذلك كان بافومت احد مقدسات فرسان المعبد وهذا مثبت في التحقيقات التي أجريت معهم بعد القبض عليهم عام 1307 يوم 13 أكتوبر في فرنسا بأمر من فيليب الرابع ملك فرنسا بتهمة الهرطقة والالحاد… واستمر بافومت كأحد أهم مقدسات جمعية فرسان المعبد والجمعيات المشتقة منها كالروزكروشن والجماعات الماسونية حول العالم..
دوا است..
دوا حت حر..
دوا ماعت..
للتواصل عبر الفيسبوك
https://www.facebook.com/MeritMaat
No comments:
Post a Comment