Saturday, March 17, 2018

خلق الكون فى الفلسفة الكيمتية القديمة

من ضمن الأسئلة التى قد تكون محورية فى المعتقدات الدينية على إختلافها هو السؤال الخاص بتفسير وجود مثل هذا الكون الهائل، فبطريقة أو بـأخرى نجد أن المعتقدات الدينية إتفقت مع بعضها البعض منذ القدم على تقديم تفسير واحد لكيفية وجود هذا الكون، وتتمحور هذه الإجابه فى أن السماء والأرض كانتا شيئا واحدا ثم تم فصلهما فيما بعد، وهو ما إتفقت عليه المعتقدات الدينية للشرق الأوسط (الإسلام و المسيحية و اليهودية) بل ولن أبالغ إذا قلت أن أغلب المعتقدات الدينيه فى العالم أجمع قالت بهذا (الزرادشتية والهندوسية والمندائية وغيرهم من معتقدات قديمة)…
لكن ما هو أصل هذه القصة و كيف أتت إلى الوجود و برزت بتلك الطريقه المتشابهه فى كل المعقيدات الدينية؟ 
هذا هو السؤال المهم و لكن لكى نستطيع الإجابه على هذا السؤال يجب أن نتعمق أكثر فى المعتقدات و نذهب لنرى أقدم معتقد فى العالم و هو المعتقد المصرية القديم و نرى كيف فسرت عملية وجود الكون و عند البحث فى المعتقد الكمتى القديم نجد ان هناك عدة نصوص تتحدث عن قصة نشأه الكون و لكن ما يثير الإنتباه هو أن أقدم قصة فى المعتقد الكمتى هى نظرية هليوبليس (التاسوع المقدس) فى حديثها عن نشأه الكون هى تقريبا تعتبر نسخه مطابقه لكل ما أتت به الأديان اللاحقة و التى تحدثت عنها سابقا
قصة خلق الكون من التاسوع المقدس الكمتى: (وجد (أتوم) نفسه وحيدا فقرر أن يخلق أبنائه الآلهه من نفسه المبجله, فأخذ بيده كميه من مَنِيه و وضعها فى فمه و بين أسنانه و شفتيه ثم عطس فكان الإله الذكر (شو) “حيث جأت من الصوت المرافق للعطس هات شو ” نتر الهواء, ثم تفل فكانت النترت (تفنوت) “وجائت منها كلمة تفة بالمصرية العامية حاليا” ربة الرطوبة, فكان (شو) و (تفنوت) على التل الأزلى بينما ظل (أتوم) فى المياه الازلية ثم تناسل (شو) و (تفنوت) فأنجبا (جب) نتر الأرض و (نوت) نترت السماء, فكانا يعيشان مع والديهما فى المياه المقدسة, و علم (أتوم) أن (جب) تزوج (نوت) بدون علمه فقرر فصلهما عن بعض تماما, فأمر (شو) أن يكون الفاصل بينهما ( وَيُمْسِكُ السَّمَاءَ أَنْ تَقَعَ عَلَى الأرْضِ إِلا بِإِذْنِهِ ) الْحَجِّ/ 65 حيث يكون (جب) فى الأسفل و (نوت) فى الأعلى لا يلتقون إلا عند غروب الشمس “(رفع السمَاوَاتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَهَا وَأَلْقَى فِي الْأَرْضِ رَوَاسِيَ أَنْ تَمِيدَ بِكُمْ) لقمان /10 ..
فيظلو متعانقين حتى شروق الشمس التالى فينهض (شو) بينهم و يضع نوت على أربع أعمدة حتى المساء ليسمح بعبور رع فى جسدهاورع يمر هنا وهو مستوى على رعرشة داخل مركبة الامى دوات ورحلتها المقدسة ( اللَّهُ الَّذِي رَفَعَ السَّمَاوَاتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَهَا ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى العرش)..
يتكرر هذا كل يوم حيث يصل (اتوم) بمركبته إلى اعلى بطن (نوت)، فقرر (شو) أن يزين بطنها بالنجوم التى تظهر ليلا, و أنجبت (نوت) (أوزير) نتر الخضرة و (إست) نترت الانوثة و (ست) إله الصحراء و (نفتيس) ربة منزل الآلهه المقدس
و بالنظر إلى الشروحات التوراتية السامرية القديمة نجد أن الإقتباس التوراتى من النص الكمتى يتطابق فى الأية الثالثة من الإصحاح الأول فى سفر التكوين (و روح يهوه تهب على وجه الماء(3) ..  

و أيضا نجد فى الأيات من السابعة و حتى التاسعة من الإصحاح الأول فى سفر التكوين (يكون فلك فى وسط الماء ليكون مميزا بين ماء و ماء (7) و صنع يهوه الفلك و فصل بين الماء الذى من تحت الفلك و بين الماء الذى فوق الفلك و كان كذلك (8) و سمى يهوه الفلك هواء (9)) …
اما عن النصوص التوراتية العبرانية و التى يسميها المسيحيون العهد القديم فنجد أن الإقتباس من القصة الكمتية موجود فى نفس المواضع تقريبا مع إختلاف لفظى بسيط ففى الأية الثالثة من ترجمة الفانديك نجد (و روح الله يرف على وجه الماء) و أيضا فى الأيات السادسة و السابعه و الثامنة من الإصحاح الأول فى سفر التكوين (و قال الله: “ليكن جلد فى وسط المياه و يكون فاصلا بين مياه و مياه” (6) فعمل الله الجلد و فصل بين المياه التى تحت الجلد و المياه التى فوق الجلد و كان كذلك (7) و دعا الله الجلد سماء و كان مساء و كان صباح اليوم الثانى (8) ) …
و هو ما يتفق مع سياق شرح البابا شنودة الثالث حيث قال (هنا تم تقديم المياه لانها الأصل و المنشأ، و هذا الجلد الذى يفصل ما بين المياه هو الرياح و هذا يحمل مفهوما روحيا حيث يجب على الإنسان أن يتقبل مياه الروح القدس العلوية الواهبه للحياة و يسمو فوق المياه التى هى فى الأسفل، مياه البحر المالحه التى من يشرب منها يزيد عطشه)…
اما بالنظر إلى الإقتباس الإسلامى نجده بارزا جدا فى الأيه ثلاثين من صورة الأنبياء حيث تقول (أولم ير الذين كفرو أن السماوات و الأرض كانتا رتقا ففتقناهما و جعلنا من الماء كل شئ حى) و هو ما فسره شيخ المفسرين إبن كثير حيث قال ( أن تعبير (السماوات و الأرض كانتا رتقا ففتقناهما) إنما يدل على أن الجميع كان متصلا ببعضه فى حالة من التلاصق و التراكم فوق بعضهم البعض ففتق الله هذه من هذه و ابعدهما فجعل السماوات و الأرض و فصل بينهما بالهواء و امر الله السماوات أن تمطر و ان تنبت الأرض بفيض مائها و هذا ما يتضح من تعبير و جعلنا من الماء كل شئ حى ودلالة على تسلسل التاسوع وخلق ايزة وازوير من رحم نوت حيث الارض والخضرة والحياه) …
و هو ما يتفق إقتباس الطبرى فى تفسيره لحديث ابن عباس حين قال (كنا مع رسول الله و سألناه عن السماء و الأرض فقال كانتا ملتصقتين فرفع الله السماء و وضع الأرض و فصل بينهما بالهواء) و أيضا نجده يتفق مع نص الحديث النبوى الذى إقتبسه ابن كثير فى تفسيره و المتعلق بالماء و الذى يقول (عن أبو هريرة رضى الله عنه قال: دخلت على رسول الله و قلت له: يا رسول الله انى اذا رأيتك طابت نفسى و قرت عينى فأنبئنى عن كل شئ، فقال: رسول الله كل شئ خلق من الماء)…
لنكمل الحديث الان بنظرية الخلق ولكن فى منف هذة المرة ..
تتمحور النظرية حول ان اتوم يحمل صفات النشاط والحيوية النتر بتاح وهى الصفات التى عن طريقها تحقق الخلق اما صفات الفطنة (الفكرة) والقلب ويجسدهما النتر حرو ثم الارادة واللسان ويجسدها النتر جحوتى ..
ويقال ان بتاح قد كون العالم فى صورة عقلية قبل ان يخلقة بالكلمة (كن فيكون)
فى البدء كانت كلمة ..
وما الكون الا فكرة فى عقل الاله الاعظم “متون جحوتى“..
ولكن الفكرة والنشاط معا يكونان سرابا او دخانا او خيالات ولذلك زكر فى القرأن (( ثم استوى إلى السماء و هي دخان..)) (11 – فصلت) ..
للمقال بقية تتبع انتظروه قريبا عن باقى النظريات الكونية الكمتية ..
دوا است ..
دوا كمت ..

للتواصل عبر الفيسبوك 
https://www.facebook.com/MeritMaat

No comments:

Post a Comment